"ربما سنتحول لآلات في النهاية.. لكن هذا مايتطلبه المجتمع الحديث وتنبغي علينا المواكبة". لم تصدق أنه قال ذلك بتلك الصراحة الفجة.. ربما كان محقا، لكن ليس لديه الحق.. قررت أنها سترحل عن المكان لأن الضجر-على أي حال- قد بدأ ينتابها. العشب كان هناك والخضرة شاسعة لكن ربما كان ذلك بالداخل وحسب. بدا الجو مناسبا بشكل غريب وغير محسوب نهايات الشتاء وتلك النسمات الحلوة والرائقة كانت تتمايل في الأرجاء. جلست هناك وخلعت معطفها كانت بلوزة خفيفة تلك التي ارتدتها مع أكمام شفافة ونسمات الهواء داعبت ذراعيها شبه المغطتين كانت أيضا هناك تلامس وجهها ورقبتها.. لم تكن مجبرة على تغطية ذلك كله كما كان الحال على الدوام كل الأجزاء منها التي لامسها الهواء.. بدت وكأنها الأكثر حياة على الإطلاق. غمرها امتنان عارم بحضور رواية بين يديها للكاتب الذي تحب تلامس العشب بأطراف أصابعها وتلامس جلدها نسمات الهواء الرقيقة شعرت بالقدر الأكبر من الحرية الذي يمكن للمرء أن يشعر به. الصخب في الخارج الطرق المزدحمة الأشخاص المكدسين كان ذلك كله في الخارج لكن في الداخل.. لم يعد هناك سوى ال
لقد مر عام منذ آخر مرة، وفكرت هذه المرة أنها لا بد أن تكون أخيرا هي المرة. شيء تعيس، كان ذلك كل ما شعرت به.. التحام تلك السويعات الهانئة القصيرة بداخلها بفجيعة قاسية كتلك، ميلاد حزين لكيان غير مرغوب. لم يكن من المقدر للأمور أن تحدث. وبيأس شديد كل من سبقها ردد الشيء ذاته، مرة بعد مرة. وفكرت بالتأكيد أن هذه هي المرة. شيء تعيس، ذلك اﻷمر المتعلق بالحياة والموت.. أن يلخص الوجود كله بذلك الشكل الحزين بداخلها كانت مجرد شيء صغير، فكرت، وواهن جدا من التعيس أن تمر بذلك. الوحشة في الفكرة، الوحشة في النبذ.. كانت وحيدة جدا.. وحيدة وضئيلة. ومن غير حسبان.. شعور ما.. بزغ.. واهن وعذب بشأن تلك الفكرة، ميلاد كيان جديد، كيان ما بداخلها، الحميمية في ذلك، والقسوة في التخلي عنه كانت حزينة جدا، بشجن لا يمكن التعبير عنه لقد شعرت باﻷمر كله اﻷمر المتعلق بالحياة والموت وما بينهما وخيال لكيان عذب وملائكي ينمو بالداخل وفي مكمن الرعب كان ثمة جمال ما يقبع هناك لكنها علمت أنه لن يتحرر أبدا لن يتحرر يوما قطرة دم ما انسالت.. وحينها.. أنتهى اﻷمر كله.